السبت، 25 يوليو 2015

حول الخطة الخمسية التاسعة، مشاركتي في التحقيق الصحفي لجريدة الوطن


حول الخطة الخمسية التاسعة

مشاركتي في التحقيق الصحفي لجريدة الوطن، جريدة الوطن، يونيو 2015م.

محلق "الوطن الاقتصادي" يفتح ملف الخطة الخمسية التاسعة بين الآمال والطموحات من خلال الالتقاء بالعديد من الاقتصاديين والأكاديميين والخبراء والمواطنين وصناع القرار في عدد من الحلقات وذلك للوقوف على العديد من الآراء والمقترحات حول الآليات والتوجهات التي يجب أن تأخذ بها الخطة الخمسية التاسعة وما هي الجوانب التي يجب رعايتها والعناية بها خلال الخطة القادمة وذلك من وجهة نظر عدد من الأكاديميين.
شارك في الملف:
د.سيف بن ناصر المعمري، أستاذ مشارك في كلية التربية بجامعة السلطان قابوس.
ود.المختار بن سيف العبري أستاذ مساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس.
ومحمد بن سعيد الحجري مدير دائرة التخطيط الثقافي بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم.

*الخطة تأتي في ظروف استثنائية تتطلب رعاية أكبر بالجانب الاجتماعي والاقتصادي.
*وتنويع مصادر الدخل وتنمية الموارد البشرية وتحرير القطاع العام من البيروقراطية المتراكمة.
* سيف المعمري: التعليم وإيجاد فرص العمل والاستمرار في بناء المواطنة المسؤولة وإرساء دولة المؤسسات وانخفاض أسعار النفط أبرز تحديات الخطة القادمة.
*تشكيل حكومة كفاءات سيزيد من قدرتها على استثمار المقومات والفرص التي تزخر بها السلطنة.
* المختار العبري: يجب أن تضاف للخطة القادمة برامج عمل واضحة مع أطر زمنية قابلة للتحقيق ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة
* محمد الحجري: تنمية الإنسان وتوفير فرص العمل بحاجة إلى جهود مضاعفة دون أضرار اجتماعية أو اقتصادية.

تحقيق ـ يوسف الحبسي:
تستعد السلطنة للإعلان عن الخطة الخمسية التاسعة خلال الأشهر القليلة القادمة، حيث باشرت حكومة السلطنة منذ وقت مبكر بوضع اللمسات النهائية على برامج وأجندة الخطة من خلال الإطلاع على مطالب واحتياجات مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية والاجتماعية خلال الخمس سنوات القادمة 2016 ـ 2020 م والتي تعتبر السنوات الاخيرة ضمن الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020م.
ويضع الكثير من المواطنين والمراقبين آمالا كبيرة بأن تحمل الخطة الخمسية القادمة طموحات وتطلعات الكثير من أبناء الوطن خاصة فيما يتعلق بتحسين الوضع الاجتماعي وتنويع مصادر الدخل والارتقاء بقطاعات أساسية كالتعليم والصحة والإسكان والضمان الاجتماعي وإيجاد فرص العمل ودراسة واقع السوق واحتياجات من الخدمات والأيدي العاملة.
ويؤكد العديد من الاقتصاديين والأكاديميين والمواطنين الأهمية الكبيرة للخطة الخمسية التاسعة كونها تأتي في ظروف اقتصادية استثنائية تتطلب رعاية أكبر وأوسع بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي وضرورة أن يعمل القائمون على الخطة بقراءة كافة المتغيرات الاقتصادية والسياسية وتوظيف الإمكانيات التي تزخر بها السلطنة لتحقيق عوائد اقتصادية أكبر مستفيدة من الميزات التنافسية لقطاعات كالسياحة والصناعة والخدمات والمعادن والزراعة والثروة السمكية وغيرها من المقومات التي يجب توظيفها بشكل أكبر لتنويع مصادر الدخل واستغلال كافة الفرص الاستثمارية المتاحة وإعادة صياغة القوانين الاستثمارية وتسهيل الإجراءات وتشجيع الاستثمار وتحرير الاقتصاد.
وأكدوا أن من أبرز التحديات التي يجب على الخطة التاسعة مواجهتها: فصل الانفاق الحكومي عن الايرادات النفطية، تحرير القطاع العام من البيروقراطية المتراكمة، رفع كفاءة الجهاز الاداري للدولة، تطوير قطاعات تعتمد على التكنولوجيا في القطاع الخاص، تقليص حجم التجارة المستترة، تحسين وتوسيع قدرات الشباب العماني على ريادة الأعمال، تحسين قدرة الشركات العمانية على المنافسة دوليا ومحليا مع الشركات الأجنبية.
حيث قال محمد الحجري: إن منهج الخطط الخمسية الذي مضت عليه السلطنة مكن من تتبع تطور الخدمات التنموية ومن ملاحظة اكتمالها من عدمه، أعني أنه صنع منهجاً من الاستمرارية الذي يلح على مبدأ تحرك المجتمع للأمام وتعزيز المكاسب التنموية، والخطة الخمسية القادمة لها أهمية قصوى بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها المرحلة، وبسبب اقتراب السلطنة من الدخول في الرؤية 2040 بعد أن رأينا كيف سارت الأمور في 2020.

*بناﺀ الإنسان:
وأضاف الحجري: جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله - نبه في خطابه بمجلس عمان 2012م إلى أن الخطط الخمسية القادمة ستركز على التنمية الاجتماعية ومعيشة الإنسان بعد أن ركزت الخطط الماضية على البنية الأساسية، والتركيز على الإنسان ينطلق من كونه محور الارتكاز في الخطة القادمة، بعد أن أثبتت التجارب الاقتصادية كلها أن النجاح أو الإخفاق في ذلك هو الفيصل في نجاح دولة أو فشلها، فالنجاح في تنمية الإنسان يمكن أن يعوض أي نقص في الموارد والإمكانات، والفشل في تنمية الإنسان يمكن أن يحطم كل الإمكانات ويهدر الموارد ويحيل النجاح إلى فشل ذريع، وتجارب الشعوب واضحة أمامنا، تنمية الإنسان وصناعة الإنسان المنتج الفاعل عنوان واسع جداً تقع تحته عناوين فرعية كثيرة.
وأشار محمد الحجري إلى أن التحديات الماثلة كلها أو أغلبها يتصل بتنمية الإنسان بدرجة أو بأخرى، وكلها تحديات تفرض نفسها بقوة في ظل حقيقتين مهمتين وضاغطتين:
أولاهما انخفاض المداخيل القادمة من النفط.
وثانيهما ازدياد عدد الباحثين عن العمل الذين تتحدث توقعات خبراء الاقتصاد العماني عن مئات الآلاف منهم خلال الخمس سنوات القادمة. وهذه التحديات التي ذكرتها في ضوء هاتين الحقيقتين الضاغطتين تحتاج لجهد هائل لتجاوزها دون أضرار اجتماعية أو اقتصادية خاصة في ظل استمرار حالات التوتر السياسي في المنطقة والتي تؤثر على مناخات الاستثمار الاقتصادي، وهذه التحديات تحتاج لحكمة ودقة ورشد في استخدام الموارد المتاحة وتوظيفها في تعظيم العوائد، كما تحتاج لقيادات مؤسسية شابة ومؤهلة وممكنة، وذات حس عال بالمسؤولية، وتدرك التحديات وتواجهها ولا تتجاهلها، ودعونا نتذكر مسألة مهمة جداً هنا وهي أن جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ـ في أوامره بتشكيل اللجنة الرئيسية لإعداد الرؤية الاقتصادية (20- 2040) أمر ببناء تلك الرؤية على التوافق المجتمعي، وضمان المشاركة المجتمعية الواسعة جزءاً من مهمة تلك اللجنة، وهذه الشراكة مع المجتمع لها آلياتها وأبرزها إشراك ممثلي المجتمع من أعضاء مجلس الشورى والمجالس البلدية في التفكير لهذه الرؤية.
وأكد الحجري أن تنويع مصادر الدخل ظل هدفاً لم يتحقق، والمحللون الاقتصاديون لهم في ذلك نظرات معمقة، لكن الذي لا شك فيه أن التنويع الاقتصادي هو الذي كان سيقينا هذه الحالة من تقلبات الأسواق النفطية التي تمثل تحدياً هائلاً اليوم، وهذا التنويع والمضي سريعاً إليه ينبغي أن يتحول فوراً إلى حالة إنجاز مخططة ومراقبة ومتابعة، وهي حتماً لا تنتظر اعتماد الرؤية 2040 لأنها من الأهداف الرئيسية للرؤية (20-20) السارية الآن.

*تطوير التعليم:
وقال الدكتور محمد الحجري: إن تطوير التعليم هو تحد أساسي يفرض نفسه منذ زمن طويل، منذ أن أنجزت الأهداف الأولى للتعليم المتمثلة في مكافحة الأمية وتوسيع قاعدة التعليم وإنشاء الجامعة وغيرها، منذ أن تم ذلك وتطوير التعليم ارتكز على تطوير البنى والمرافق والمباني وهذا مع ضرورته ليس كافياً ما لم تتطور المنظومة نفسها، وتطوير التعليم قضية كل طرف يقذف فيها بالمسؤولية على الطرف الآخر، ودعونا نذكر أنفسنا بأن جلالة السلطان في خطابي مجلس عمان 2011 و2012 تحدث عن ضرورة مراجعة التعليم وتقييمه، والمطلوب أن نحقق هذه المراجعة والتقييم كما أمر جلالته، بحيث تؤدي إلى نقلة نوعية حقيقية، ووجود مجلس التعليم يضع ترساً أساسياً للتطوير والتحول، والمراجعة والتقييم تأتي أولاً ثم يأتي المضي نحو التطوير بناء على خلاصات المراجعة .. مشيراً إلى أن العنصر البشري والعناية به لها عناوين كبيرة في ذلك والجميع يتحدث عنها منها: 
تطوير منظومة التعليم الأساسي والعالي فلا يمكن بناء المكون البشري بمعزل عن نظام تعليم جيد على الأقل، كما أن الاستثمار في البعثات الدخلية والخارجية على أهميته لن يؤدي للنتيجة المرجوة ما لم تكن مخرجات التعليم الأساسي جيدة ومستعدة، وهناك تطوير قطاع مؤسسات التأهيل والتدريب، وهناك قناعة بأن مبدأً ثقافيا ينقصنا ضمن منظومة التأهيل والتدريب وإذا نجحنا في إيجاده فستسد ثغرات كثيرة، وهو الاعتناء بثقافة الاتقان والأمانة والجودة والمسؤولية في العمل وأخلاق العمل والإدارة وجعلها جزءاً من فلسفة الإدارة المؤسسية ومن منظومة التدريب، فهذه النقطة فارقة، إذ لدينا انخفاض واضح في حس المسؤولية وهناك موظفون لا ينتجون، وبعض رؤساء الوحدات والمؤسسات لا يتحلون بروح المبادرة المطلوبة في هذه المرحلة، ويشيعون جواً سلبياً متذمراً وطارداً للكفاءات، وهو ما يضعف من إنتاجية بعض القطاعات والوحدات، نقول هذا بصدق وشفافية مطلوبة في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى.

*القطاعات الاقتصادية:
وأشار محمد الحجري إلى أن أداء القطاعات الاقتصادية ومؤشراته له خبراؤه الذين يحب علينا أن ننصت لهم بحرص واهتمام بالغ، خاصة خبراء الاقتصاد العماني فهم يتحلون بروح مسؤولية عال ويتحدثون بمهنية وموضوعية عالية، وأعني هنا خبراء الجمعية الاقتصادية العمانية، والذين نحرص على حضور مؤتمراتهم ومحاضراتهم، وهم يضعوننا أمان تحديين رئيسيين هما: انخفاض عوائد النفط، وتعاظم أعداد الباحثين عن العمل، كما يؤكدون لنا وجود فرصتين كبيرتين هما: الموقع الجغرافي الاستراتيجي المهم والوسيط، والطاقة البشرية الشابة والقادرة على الإنتاج لو أحسن تدريبها وتأهيلها، والأهم من ذلك كله القيادة الحكيمة التي جعلت من السلطنة واحة للاستقرار والتعايش، ونأت بوطنها عن استنزافات الخصومات والتطاحن في المنطقة، وهذا كله يجعل السلطنة محجاً لكل الراغبين في السلام وفي التنمية وفي التعاون وتبادل المصالح وبناء الشراكات.
*التحديات والفرص والقوة الناعمة:
ويواصل محمد الحجري قائلاً: إن هناك فرصاً تقف أمام التحديات التي يحذر منها الخبراﺀ، وهي فرص توفرها الجغرافيا ويوفرها الاستقرار، وهذا كله لابد من استغلاله والبناء عليه وفتح الآفاق عبره، مؤكداً أن القوة الناعمة للسلطنة تزداد وتتعاظم، وحالة الثقة بمواقفها تبني ذلك، وبعض عناصر القوة الناعمة للسلطنة يأتي من مصداقيتها الأخلاقية ومن موثوقية سياساتها الخارجية ومن الاحترام الدولي العالي لها، وهذا يعطي فرصاً للاقتصاد ويوفر بديلاً آمناً وحصيناً لتبادل المصالح وللاستثمار وبناء الشراكات للمشاريع الكبرى، ولكن هذا يحتاج أيضاً للامساك بالفرصة والتحرك إليها وسرعة المبادرة، واستثمار آثار السياسات والمواقف التي برهنت دائماً على ثباتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق