الأحد، 29 يوليو 2012

ملتقى التواصل العماني المغاربي (سليمان الباروني و حضوره في الثقافة العمانية)

حضور الباروني في الشعر العماني
بين صورة المجاهد و شخصية المصلح
ملخص ورقة ألقيت في :
ملتقى التواصل الحضاري العماني المغاربي الثاني
(سليمان الباروني و حضوره في الثقافة العمانية)
جامعة آل البيت بالمملكة الأردنية الهاشمية
الثلاثاء و الأربعاء  20 -21 شعبان 1433هـ .
الموافق 10 -11 يوليو 2012م

* مقدمة :
إن شخصية بمثل سمات العظمة التي امتلكها الباروني و بمثل جهودها و جهادها  و إنجازاتها جديرة أن تكون جسراً يصل بين شرق الوطن العربي و مغربه ، و هكذا كان ، فإن كل ما يتعلق بشخصية الباروني تؤكد حقيقة أنه جسر ثقافي و إصلاحي كبير ، و يتجلى ذلك في مهامه السياسية و في أعماله الجهادية العسكرية إبان آخر موجات الاستعمار الغربي و بدايات الحركات النضالية للتخلص من الاستعمار في الوطن العربي ، كما  يظهر ذلك في أعماله العلمية و مؤلفاته ، و في إنجازاته الصحفية و في مجال النشر ، و في رسالته الإصلاحية التي حاول يبثها في عمان .
ويكفي للتدليل على جوانب ريادته الواسعة ما تضمنته شخصيته من وجوه و اهتمامات فهو السياسي البرلماني ، و هو السياسي الديبلوماسي ،وهو السياسي الذي ترأس أول جمهورية في التاريخ العربي الحديث حين أنشأ الجمهورية الطرابلسية بمعية زملائه الذين جاهدوا الاستعمار الإيطالي ، إلى حد أن بعض الباحثين الليبيين يرى أن حلم الباروني في تكوين دولة ليبية مستقلة لم يتحقق فعلياً إلا مع الانتخابات التشريعية الأخيرة يومي 7 و 8 يوليو الحالي . و هو إلى جانب ذلك قائد عسكري صادم الاستعمار الإيطالي و أدمى وجهه في معارك ضارية حقق فيها انتصارات كبرى ، و هو أيضاً صحفي أنشأ أكثر من صحيفة في القاهرة و استانبول ، و ناشر حمل هم تحقيق و نشر التراث في وقت مبكر جداً ، و هو مؤلف و مؤرخ ترك مؤلفات اعتبر بعضها مراجع رئيسية في التاريخ ككتابيه "الإزهار الرياضية في أئمة و ملوك الإباضية" و " مختصر تاريخ الإباضية" ، و هو خطيب و كاتب و شاعر سجل وقائع أيامه بالشعر و قدم رؤاه الإصلاحية شعراً و نثرا ، و هو رحالة دون وقائع رحلاته و سجل انطباعاته عنها خاصة تلك الرحلات التي قام بها إلى عمان ، و هو تربوي يرى أن أول أسس النهضة ينبغي أن ترسى في المدارس و دور العلم ، و اجتهد في تطبيق هذه الرؤية عملياً حين شرع في تأسيس المدرسة النظامية الأولى في عمان في ولاية سمائل .
إذن فقد كان الوطن العماني منتصف عشرينيات القرن العشرين على موعد مع رجل استثائي يجمع مواهب و إمكانات و خبرة واسعة و يتحلى في ذات الوقت بالاخلاص و الالتزام بقضية وطنه ،وقضايا الإحياء و النهوض و الإصلاح في العالم الإسلامي ، ولكن القوى الاستعمارية كانت قد تكالبت على نفيه و محاصرته و التضييق عليه ، حتى انفرج باب الحصار حين أزمع الوصول إلى الأراضي المقدسة للحج ، ثم تواترت عليه رسائل القيادات العمانية تطلب منه الزيارة و القدوم إلى عمان .
لقد التفت العاطفة العمانية حول الباروني في شخصه ، و ما يمثله من معنى التجسير ما بين المشرق والمغرب العربي ، وما يحمله من قضية وطنية و نضالية، ولذا فإن دراسة المدونة الشعرية المتمحورة حول الباروني ينطوي على أهمية فارقة، لأن الشعر يمثل مدخلاً مهماً لفهم الشخصية العمانية و فهم التاريخ و الثقافة ؛ ففي عمان تترسخ حقيقة أن الشعر ليس خطاباً أدبياً صرفاً بل هو مدخل معرفي و حضاري كبير ، و شكل رئيسي من أشكال الخطاب المعرفي بله الأدبي، إنه كان على الدوام أداة رئيسية لترسيخ و تكريس المعاني الأساسية المتعلقة بالوطن و بالذات و بالهوية و توثيق خلاصات التجربة ، و لذا فإن قراءة القصائد التي احتفت بالباروني سيكون قراءة لرؤية عمانية شاملة تجاه الباروني و قضيته و مشروعه ، بل إن الباروني نفسه قد أدرك هذا الجانب البعيد الغور في الشخصية العمانية التي تفضل المعرفة و الفكرة في صورتها الشعرية منغمةً موزونةً مقفاة، و لذا أعلن الباروني عن برنامجه الإصلاحي الذي دعا الإمام إلى تبنيه في قصيدة ضمن خطابه أمام الإمام بجامع نزوى يوم الجمعة 7 ربيع الأول 1344هـ /25 سبتمبر 1925م ، حيث قدم فيه رؤيته الناقدة و المحرضة على الإصلاح مضمناً إياها برنامجاً إصلاحيا سياسيا و قضائيا واجتماعيا وعسكريا و تطويرا للعلاقات الخارجية ،ومركزاً على أفكار تتعلق بالوحدة الوطنية والتآلف الوطني بين الإمامة و السلطنة ، و صياغة تآلف سياسي بين ممالك الجزيرة العربية ، و قد ختمها بقوله :
هذي نصيحة مخلص في دينه *ما شابها مدح و لا إطراء
إني امرؤ ترك المديح لأهله * مذ أنشبت أظفارها الهيجاء
و لقد أدركت عمان و رجالاتها ما انطوت عليه شخصية الباروني من استثنائية و عظمة ، و لذا كان استقبالها له حدثاً هائلاً بكل ما في الكلمة من معنى ، إذ مثلت الأدبيات التي رافقت وصوله و جولاته في عمان مثلت ظاهرة أدبية حقيقية في تمحورها على شخصه و جهوده و الترحيب به و دعم مشروعه الإصلاحي، فالخطب و القصائد التي ألقيت في أثناء استقبالاته تبلغ في كمها حداً كبيراً ، كما أنها في نوعها تمثل ــ في عدد غير يسير منها ــ بعض أجمل نصوص الشعر العماني ،و من أكثرها استحضاراً للهم العربي و الإسلامي .
و في كل لحظة من لحظات هذه الظاهرة كان الأدب شعراً و نثراً حاضراً و مرحباً و راسماً لصورة الباروني في الوجدان العماني.
·       القصائد المدروسة :
إن هناك مجموعتان متوفرتان تجمعان القصائد التي قيلت في الباروني :
ـ  الأولى : مجموعة " القصائد العمانية في الرحلة البارونية" و التي دونها الشيخ عيسى بن صالح الطائي (ت1362هـ/1943م)، و هي قيد الطبع بمراجعة و تصحيح الباحث سلطان بن مبارك الشيباني ، و هي تسجيل ليوميات الباروني في رحلته الأولى في عمان و التي وضع الباروني بنفسه بعض الإضافات عليها، و قد أمكن الاطلاع على القسم الأول منها الذي يروي يوميات الرحلة الأولى ، و تشير في نهايتها إلى القسم الثاني ، الذي سيكون من كتابات الباروني نفسه حول رحلته الثانية إلى جهات جعلان و بدية و نزوى والحمراء و الجبل الأخضر و غيرها من الديار العمانية ، و هو ما كشف عنه بعض الباحثين حديثاً و يتم العمل على تحقيقه و نشره.
ــ الثانية : هي مجموعة "غاية السلوان في زيارة الباشا الباروني لعمان" و التي جمعها الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي ، و تحتوي على اثنين و خمسين قصيدة أغلبها لشعراء عمانيين و بعضها للباروني نفسه ، و لشعراء غير عمانيين كأبي اليقظان إبراهيم و غيره؛ و قد جمعت هذه القصائد من مصادر عمانية كــ "شقائق النعمان" للخصيبي و "قلائد الجمان" للبوسعيدي ، و بعض الدواوين الشعرية.
إن أقرب طريق لدراسة حضور الباروني في الشعر العماني هو في دراسة هاتين المجموعتين.
و اللافت هنا أن هاتين المجموعتين تحتويات على قصائد لشعراء لا نجد لبعضهم ذكراً في تاريخ الشعر العماني ، إلا ما أنشدوه في الباروني من مثل الشعراء: (عبدالله بن مسلم الرمضاني، سعيد بن سليمان الخروصي ، أحمد بن سعيد ، سيف بن علي الحجري ، حمدان من محسن الجابري ، عبد الله بن خالد ، محمد بن عيسى بن عامر الطائي)؟! و هو ما يدفعنا للتساؤل : هل استنهض الباروني بما يمثله من شخص و مشروع و قضية همة الشعر حتى في النفوس التي لم تكن شاعرة؟! لعل هذا المعنى هو ما أشار أليه القاضي الشاعر منصور بن ناصر الفارسي أثناء زيارة الباروني لفنجا:
تاقت لمنظرك البلاد وأهلها * فكأنهم يرجون منك هلالا
كم صامت بك قد غدا متكلماً * يبدي من الرتل البديع مقالا
و في مستوى آخر نجد أن الباروني يمثل لبعض الشعراء كأبي سلام الكندي ، وعيسى بن صالح الطائي موضوعاً رئيسياً في المدونته الشعرية ، كما يمثل موضوعاً مهماً لشعراء آخرين كأبي الفضل محمد بن عيسى الحارثي ، و محمد بن عبدالله السالمي و غيرهما.
و على وجه الإجمال فإن ثلاثة مسارات رئيسية يتمحور عليها حضور الباروني في الشعر العماني شخصاً و مشروعاً و قيمة :
1-  صورته في السياق الترحيبي.
2-  صورة المجاهد.
3-  صورة المصلح.

·       صورته في السياق الترحيبي:
 تظهر الصور في سياق الترحيب في مقدمات القصائد حيث تبرز بقوة قيم النصرة و الاحتضان و الإعجاب الذي يستحضر القيم النمطية المألوفة في شعر المديح ، و يأتي مطعماً باستحضار المعاني الوطنية ، و معنى الحماية و الدخول في الكنف العماني ، و هو يثني على الباروني في شخصه في المقام الأول ثم على إنجازاته تالياً.
و في هذا السياق لنا أن نتصور هنا أن هذا الرجل العظيم الذي طاردته الدول الاستعمارية الكبرى و ضيقت عليه و منعته من الوصول إلى مستعمارتها العربية، ليعيش سنوات من حياته منفياً مغترباً ، لنا أن نتصور أن بلداً آخر يدعوه إليه مقدماً له حمايته و رعايته ، فإذا ما نزل برحابه تلقاه كل شيء فيه بالترحيب و التهليل لقدومه ، ليتحول وصوله إلى موجة احتفالية كبرى تسري في عمان بسلاطينها و أئمتها و زعمائها و علمائها و مشايخها و قبائلها ، و كل بلدة أو قبيلة تطلب زيارته بل و إقامته كما يقول أبو سلام سليمان بن سعيد الكندي :
و غدا الورى يتهافتون لقربه * فرحا وكل بالتهاني يبدر
حدقوا به فكأنه من بينهم * ملك يتوج و الخلائق تنظر
عرفوه حقا قبل رؤية شخصه * لما رأوه استعظموه و كبروا
لله يوم الوصل أصبحت القرى * كل تطالب بالوصال و تنذر
و في ذات المعنى يقول الشاعر أحمد بن سعيد :
فكم من يد لما رأتك مشيرة *و كم من عيون بالمحبة تنظر
تساءل إجلالا و ترقب هيبة * و تضمر إعظاما و عن ذاك تخبر
و هما نجد أن الشاعر العماني كثيرا ما يخاطب الباروني مفاخراً بوجوده في عمان معتبرا أن وجوده بها حظ عظيم لها ،و قدر ساقه الله إليها كما نجد في أبيات أبي الوليد سعود بن حميد  :
سليمان إن المشرقين تنازعا * رضاك فكنت الآن أعدل حاكم
تزينت الدنيا ابتهاجا بطالع *عمان به فازت على كل عالم
و حق لها أن تنشر الشكر و الثنا * فإن لها فخرا بأعظم قادم
و مع أن الصور الشعرية تستحضر و هي ترسم شخصية الباروني معاني تقليدية من قيم المديح في الشعر العربي إلا أنها أحياناً تفارق مألوفها ، لترسم صوراً لافتة غير مكرورة كما يقول سالم بن سليمان البهلاني:
يا وافداً ملأ القلوب مسرة * كالماء يورق عذبه الأريافا
و منور الأكوان منه بسيرة * زهراء لا تخشى الردى إن طافا
بقدوم موكبك ابتهاج نفوسنا * و غدا الزمان يرنح الأطرافا
و اهتزت الأقطار من فرح و قد * قامت تجر لوفدك الأطرافا
و يقول سعيد بن سليمان الحراصي منبهاً إلى سيرورة أفكار الباروني و جهوده قبل وصوله إلى عمان :
كنا نشم أريج فكرته التي * نشرت على الأكوان مسكا أذفرا
حتى تجلى كالهلال منوراً* أقطارنا فسمت إلى أعلى المذرى
و يقول جمعة بن سليم الحارثي مستحضراً معجماً شعريا تقليدياً لكنه موشي بلمحات إبداعية قائمة على المفارقة اللفظية و المعنوية:
رب السياسة و الرياسة و الحجا * و مجيل أمر الحرب كل مجال
فإذا دجت نوب فنير فكره * يهدى به من حيرة و ضلال
أعدى الحسام ببأسه و بهائه * فدهى بحد و ازدهى بصقال
و تكفلت هماته و هباته * بمصارع الأعداء و الأموال
·       صورة المجاهد :
صورة المجاهد هي الصورة الأكثر شيوعاً في الأدبيات العمانية الشعرية حول الباروني ، و من الطبيعي أن تمتزج بالمركبات المرافقة لها من نحو معاني الشجاعة و التضحية و الفداء و الصبر و المكيدة و حسن تدبير الحروب و القيادة و غيرها من العناصر ، و بالمجمل فهي تصنع صورة البطولة ، التي يبدو أن سيرتها قد سبقته إلى عمان ؛ و يعود شيوع صورة المجاهد هنا إلى توق الشعوب في تلك المرحلة الاستعمارية إلى الأبطال الذين يرفعون الرؤوس في زمن الانكسار و الذين تعلق بهم آمال التحرر ، و قد يبلغ الحماس لدى بعض الشعراء العمانيين لبطولات الباروني أن طلبوا إليه قيادة الجهاد بالعمانيين هذه المرة .
كما يلفت النظر أن الإطارات الصورية هنا لا تنثال مفردة دون سياق يجمعها ، فهي كثيرا ما تستحضر الحرب الطرابلسية و القضية الليبية و الكفاح ضد المستعمر الإيطالي ، مما يدل على متابعة حثيثة من شعراء القطر العماني لما يدور في الساحة العربية و هي تناضل الاستعمار :
يقول أبو الوليد سعود بن حميد :
همام تربيه السياسة مذ نشا * جدير بفك المعضلات العظائم
كمي له الأعداء تشهد أنه * فتى الحرب معروف بضرب الجماجم
فسائل بني الطليان عنه فإنهم * جهينة أخبار بتلك الملاحم
فما زال في تلك الكتائب قائداً * يفلق هامات العدو المهاجم
فلا عجب لما كاده الخصم إنهم * رأوا منه ضربا في الطلا و الغلاصم
إذا عقدوا للدين عقدة باطل * تدرع حتى فكها فعل حازم
و في ذات المعنى يقول أبو سلام الكندي :
فإن قبضت كفاه سيفاً سطا به * و إن قلماً منه الجبابر تفزع
له صدمات في الحروب شهيرة * تؤرخها إيطاليا يوم تصرع
فمن كابن عبدالله جئني بمثله * إذا ازدحم الفرسان و البيض تلمع
أما أبو الفضل محمد بن عيسى الحارثي فإنه يقول :
مشمراً شاهراً للسيف ذو همم * تسنمت ذروة الجوزاء و الحمل
تروي مفاخره أقرانه سنداً * عن صهوة الخيل و الهندي و الأسل
فاسأل هديت بني الطليان ما وجدوا * يوم الكفاح و يوم الروع و الفشل
ينبيك مخبرهم أن الهمام له * قلب يرى غير رعديد و لا كل
تروي الرماح يداه حين يوردها * بيضاً و يصدرها حمراً بلا وجل
خيوله للقنا حلت قلائدها * لكن منها حرام حوزة الكفل

أما حمود بن أحمد الخروصي فإن ذات المعنى يرد في قصيدته مشفوعاً بالحفاوة بقيمة حرية الوطن :
  كأخلاق من في الغرب جرد سيفه * على حجفل الطليان و النقع صائحه
غيور على حرية الوطن الذي * يحرره الإسلام و النصر فاتحه
سليمان أنت الناس و الناس فضلة * كثير و لكن أكثر الخلق طالحه
و كل امرئ بالسمر يكتب فيصلا * و سفر ابن عبدالله يقصر شارحه

أما أبوسلام الكندي فإنه يورد صورة تقليدية للمحارب و جيشه في الشعر العربي ، و لكنه يشفعها بتفجير للمبالغة فيقول:
إن سار بالجيش سار الطير يتبعه * و جاءت الوحش من سهل ومن جبل
كأنما أجل الأعداء في يده * أو سيفه عارف عن مدة الأجل
·       صورة المصلح :
أما صورة المصلح فإنها كثيراً ما ترد في أدبيات الرحلة الثانية ، خاصة بعد أن أفصح الباروني عن رؤيته و منهجه الإصلاحي و قلده الإمام الوزارة ، و سعى في تنظيم الدولة و إدخال بعض الأنظمة الحديثة عليها ، و اجتهد في تطوير نظام المالية و التعليم .
و كثيراً ما نجد صورة المصلح في شعر أبي سلام الكندي الذي كان أحد كبار المناصرين لمشروع الباروني الإصلاحي ، ومن ذلك قوله :
قم سليمان في صلاح العباد * لا تبالي بقول أهل الفساد
إنما أنت عالم كيف أضحت * أمم الغرب تزدري بالعباد
هي بالعجز أم بجهل بنيها * نالت المجد أم سمت بالرقاد
و في  قصيدة أخرى يقول أيضا :
وزير إمام المسلمين لك الهنا * بما نلت من مجد لك العقد و الحل
فدم يا ابن عبدالله في أوج العلا * تحف بناديك الملائك و الرسل

كما يلفت نظرنا في هذا السياق بعد آخر إذ يظهر الباروني مصلحاً يتجسد فيه معنى تجسير العلاقة بين المشرق و المغرب العربي ، و ذلك في القصائد التي كان الباروني محوراً لها أو الفكرة الباعثة لها ، فالباروني (شخصاً و قيمة ) هو المحور الذي دارت عليه القصائد المتبادلة بين شعراء المشرق و المغرب ، و بخاصة قصيدة الفقيه و المصلح الجزائري أبي اليقظان إبراهيم ، و التي تبارى الشعراء العمانيون في معارضتها أو مجاراتها ، و طوفت في الأنحاء العمانية محفزة الشعراء التجاوب مع رسالتها ، و قد انضاف إلى هذه المجاوبات قصائد أخرى كقصيدة الأديب و الشاعر الليبي علي بن محمد الزواري، و قصيدة الشاعر التونسي سليمان الجادوي ، و قصائد الباروني نفسه، و ما أثارته من معارضات و ردود في عمان أو في الشرق الإفريقي  حيث الأقليم الثقافي العماني .