الصحافة و الإعلام في سياق الإصلاح العماني
جريدة الرؤية . 20 / مارس
الصحافة و المنظومة الإعلامية عامة هي إحدى الضمانات المهمة لاستمرار الإنجاز ، و حراسة التوجه الإصلاحي الذي اختطته السلطنة ، بتلاقي تطلع الشعب و استجابة القائد المفدى حفظه الله و رعاه ، فهذا التوجه الإصلاحي الذي يفتح لعمان صفحة تاريخية جديدة يحتاج إلى صيانة و حراسة أمام التحديات القادمة ومنها سوء الإدارة و انتهازية الفساد ، و سواهما من التحديات ، و هو ما يقتضي من كل الأقلام الصحفية و الكتاب ، و المحللين السياسيين و الاقتصاديين ، والمفكرين أن يلتزموا أقصى درجات المسؤولية في الكتابة التي تسمي الأشياء بمسمياتها ، و تكشف الحقائق ، و تكون رقيباً على الأداء المالي و الإداري ، و تمثيلاً لشراكة المجتمع في الشأن العام ، خاصة و نحن نعبر مرحلة تحولات ، و مراحل التحول في حياة الشعوب هي مراحل حساسة و حرجة.
من المهم أن يصنع الإعلام و الصحافة تحولاً في جرأة الطرح ، من المهم جداً أن يدفع باتجاه مراجعة جميع القوانين المتعلقة بحرية التعبير و النشر ، و إذا كنا جميعاً نقول ــ و نؤمن بما نقول ــ بأن كل ما حدث من تحولات و تغييرات و إصلاح هو تحول جذري و حتمية تاريخية بدأ وقت دخولها ، و لا مجال أمام الجميع إلا بالتعاطي الإيجابي معها ، إذ كنا نقول ذلك فإن أول برهان على جدية هذا التحول لابد أن ينعكس على حرية الصحافة و الإعلام في معالجة الشأن العام ، فلم يعد ثمة فرصة لتكرار الأخطاء السابقة التي استمرأت ـ في كثير من الأحيان ــ إخفاء الحقائق أكثر من إظهارها ، أو احترفت إعادة صياغتها لتقليل خيبة الأمل بها ، حان الوقت لنعتني بتجميل الحقيقة أكثر من تجميل الصورة ، و فكرة تجميل الحقيقة لا تجميل الصورة ، كم قد نادينا بها ، و كم قد دار حولها من جدل ، و من المؤسف هنا أننا لا يمكن أن نناقش هذا الموضوع بمعزل عن الأخطاء التي سبق أن ارتكبت من قبل خشية أن تتكرر ، و هنا أدعوا كل الإخوة الاعلاميين لاحتمال صدمة العتب التي يحملها الشارع العماني تجاههم ، و سنحتاج لقدر كبير من السماحة و سعة الصدور لاستيعاب كل هذا التطلع للتعبير بحرية ترفع القيود غير الضرورية ، و قد تكون هناك أخطاء في ممارسة هذه الحرية نظراً للرغبة في التنفيس و التعبير، و نظراً أيضاً لعدم وضوح حدود التعبير التي سيستحيل عليها أن تتحرك ضمن القوانين القديمة ، و لذلك لابد من القول بأن مراجعة شاملة و سريعة للقوانين المتعلقة بحرية التعبير و النشر هو أمر ضروري و ملح الآن ، و لا بد أن تنمي صحافتنا مهاراتها في ممارسة حرية التعبير باحتراف و مسؤولية .
و عدا عن الإسهام الأساسي للإعلام و الصحافة في حراسة مسار الإصلاح العماني ، فإن مهمتها أساسية أيضاً في الإصغاء لنبض الشارع و توسيع مساحات الحوار خاصة مع الشباب ، إنه أمر مهم للغاية و مصيري دون مبالغة ، فلا بد أن يجد الجميع متنفسهم في صحافة و إعلام حر ينقل همومهم و يسمح لهم بمناقشة قضايا وطنهم ، و يعطيهم الفرصة الكاملة للمشاركة في تصور المستقبل.
إن المناخ الطبيعي الذي يمارس فيه الناس حرية التعبير هو الصحافة و الإعلام و محافل الرأي العام ، حيث يكون الناس شركاء في تلقي الكلمة ،ومعها شعور المسؤولية خاصة عندما تكون مكتوبة ، فالكتابة لا تنقل الفكرة فحسب بل تنظمها و تهذبها أيضاً ، و إذا كان العديدون يدعون اليوم لحوار وطني جاد و مفتوح ، فإن أول بوابة له هي الصحافة و الإعلام التي لا بد لها أن توسع صفحات الرأي ، و تنفتح على الشباب خاصة ، و أعتقد أن الوقت حان منذ زمن بعيد لفتح هذه الحصون ، و لم يعد ثمة مبرر لإبقاء الوضع على ما هو عليه ، فهو يبدو خارج سياق التاريخ ـ إلا في حالات قليلة ـ!! .
الصحافة و الإعلام أيضاً هما حراس الأمل ، الأمل بالمستقبل الذي تحتاجه عمان في هذه المرحلة ، و هو أمل صادق بعون الله و توفيقه ، ثم بعزيمة العمانيين التي تبدو متوقدة بروح الوطنية ، و بقيادتهم التاريخية التي قدر الله لها أن تقودهم في لحظتين فارقتين من التاريخ ، و هي المؤتمنة على مستقبل عمان اليوم ، و هي محل الثقة و الاحترام و الحب و الولاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق