* نشره ملحق وزارة التعليم العالي الصادر مع جريدة عمان "رؤى"
الثلاثاء 18 سبتمر 2012م
لم تعد مسألة البعثات الخارجية لتمثل مشكلة فيما يتعلق بالكم بعد أن تدفق الدعم على هذا البند عبر مباردات عديدة من أهمها الأوامر السامية بالابتعاث للدراسات العليا و تخصيص موازنات مهمة لهذا الغرض ، و تحسين أوضاع المبتعثين،و غير ذلك من السياسات التي ستشكل قفزة حقيقة ستنحسر بفعلها مشكلة الباحثين عن فرص التعليم العالي ، و لقد صنع هذا الدعم ارتياحا كبيرا لدى الرأي العام و أبان عن حقيقة أن قضايا تنموية كان ينظر إليها باعتبارها قضايا معقدة يمكن أن تجد الحل بسهولة عند توفر الإرادة و حسن الإدارة و سياسة فتح الأبواب و صناعة الفرص.
و أتصور هنا أننا لا يجوز أن نضيع الوقت قبل أن نعتني بالنوع أيضا أي نوعية البعثات خاصة الخارجية منها ، و هي البعثات التي تستثمر فيها موارد و أموال و جهود أكثر من غيرها بكثير ، و حس الاستثمار في الكادر البشري لابد أن يكون مرتفعا هنا ليس باعتبار كلفتها فحسب ، بل و باعتبار كونها جسرا حضاريا ناقلا للمعرفة و الخبرة.
إن هذا سيدفع تلقائيا إلى مناقشة نوعية التخصصات التي تقع فيها النسبة الأكبر من البعثات و كذلك ارتباطها بمدى الحاجة إليها و مدى اتصالها بسوق العمل ، و أيضا توزيعها على الدول و البلدان لضمان تعدد و تنوع المعرفة و الخبرة.
لكن من المهم جدا أن نناقش نوعية المبتعثين و كيف ينبغي أن نضمن إيمانهم و قدرتهم على النقل الحضاري للمعرفة ، و القيمة المضافة التي تأتي من وراء الاستثمار في الابتعاث ،في عالم أصبحت فيه المعلومة بسبب ثورة وسائط التقنية متاحة قد لا تحتاج إلى عناء و كلفة الرحلة في طلبها ، إذ المعلومة هي حد أدنى من الوعي بالحقائق ،و قد أصبحت شائعة و تكاد بعض مستوياتها أن تكون مجانية أو زهيدة الثمن ، لكن الذي ينبغي أن نسلح به أبناءنا المبتعثين هو القدرة على الوصول للمعرفة و ليس المعلومة فحسب ، لأن المعرفة هي خلاصة المعلومة و نتيجتها ،و الأهم من ذلك أيضا الوعي بالمنهج أي منهج الوصول للمعرفة إذ هو أهم أشكالها ، فهو الذي يزودنا بالقدرة على إنتاج المعرفة و توليدها بدل أن نكون مستهلكين لها فقط.
و لا يجب أن يفهم ذلك بأنه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص في الحصول على فرص الابتعاث ،بل إن الذي أعنيه هنا أن هناك طورا من الإعداد لمبتعثينا ينبغي أن يتم حتى نضمن أن هذه الفرص تذهب في الاتجاه الصحيح و أن الاستثمار في هذا المسار سيغني بلادنا بالمعرفة النوعية التي نحتاجها.
في تاريخ الابتعاث وجدنا أن إمام الشعائر للبعثة التي أرسلها محمد على باشا إلى فرنسا في القرن التاسع عشر هو الذي ترك الأثر الحضاري الأكبر لإنه اعتنى بالمعرفة، بما وراء المعلومة من فكر و ثقافة و نظام إداري و مجتمعي ، فقد سجل التاريخ لرفاعة رافع الطهطاوي سبقه و ريادته في محاولة تحليل أسباب التقدم ،بينما لم يذكر التاريخ شيئا لزملائه الكثيرين الذين وقف اهتمامهم عند حد البحث عن المعلومة.
لم تعد مسألة البعثات الخارجية لتمثل مشكلة فيما يتعلق بالكم بعد أن تدفق الدعم على هذا البند عبر مباردات عديدة من أهمها الأوامر السامية بالابتعاث للدراسات العليا و تخصيص موازنات مهمة لهذا الغرض ، و تحسين أوضاع المبتعثين،و غير ذلك من السياسات التي ستشكل قفزة حقيقة ستنحسر بفعلها مشكلة الباحثين عن فرص التعليم العالي ، و لقد صنع هذا الدعم ارتياحا كبيرا لدى الرأي العام و أبان عن حقيقة أن قضايا تنموية كان ينظر إليها باعتبارها قضايا معقدة يمكن أن تجد الحل بسهولة عند توفر الإرادة و حسن الإدارة و سياسة فتح الأبواب و صناعة الفرص.
و أتصور هنا أننا لا يجوز أن نضيع الوقت قبل أن نعتني بالنوع أيضا أي نوعية البعثات خاصة الخارجية منها ، و هي البعثات التي تستثمر فيها موارد و أموال و جهود أكثر من غيرها بكثير ، و حس الاستثمار في الكادر البشري لابد أن يكون مرتفعا هنا ليس باعتبار كلفتها فحسب ، بل و باعتبار كونها جسرا حضاريا ناقلا للمعرفة و الخبرة.
إن هذا سيدفع تلقائيا إلى مناقشة نوعية التخصصات التي تقع فيها النسبة الأكبر من البعثات و كذلك ارتباطها بمدى الحاجة إليها و مدى اتصالها بسوق العمل ، و أيضا توزيعها على الدول و البلدان لضمان تعدد و تنوع المعرفة و الخبرة.
لكن من المهم جدا أن نناقش نوعية المبتعثين و كيف ينبغي أن نضمن إيمانهم و قدرتهم على النقل الحضاري للمعرفة ، و القيمة المضافة التي تأتي من وراء الاستثمار في الابتعاث ،في عالم أصبحت فيه المعلومة بسبب ثورة وسائط التقنية متاحة قد لا تحتاج إلى عناء و كلفة الرحلة في طلبها ، إذ المعلومة هي حد أدنى من الوعي بالحقائق ،و قد أصبحت شائعة و تكاد بعض مستوياتها أن تكون مجانية أو زهيدة الثمن ، لكن الذي ينبغي أن نسلح به أبناءنا المبتعثين هو القدرة على الوصول للمعرفة و ليس المعلومة فحسب ، لأن المعرفة هي خلاصة المعلومة و نتيجتها ،و الأهم من ذلك أيضا الوعي بالمنهج أي منهج الوصول للمعرفة إذ هو أهم أشكالها ، فهو الذي يزودنا بالقدرة على إنتاج المعرفة و توليدها بدل أن نكون مستهلكين لها فقط.
و لا يجب أن يفهم ذلك بأنه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص في الحصول على فرص الابتعاث ،بل إن الذي أعنيه هنا أن هناك طورا من الإعداد لمبتعثينا ينبغي أن يتم حتى نضمن أن هذه الفرص تذهب في الاتجاه الصحيح و أن الاستثمار في هذا المسار سيغني بلادنا بالمعرفة النوعية التي نحتاجها.
في تاريخ الابتعاث وجدنا أن إمام الشعائر للبعثة التي أرسلها محمد على باشا إلى فرنسا في القرن التاسع عشر هو الذي ترك الأثر الحضاري الأكبر لإنه اعتنى بالمعرفة، بما وراء المعلومة من فكر و ثقافة و نظام إداري و مجتمعي ، فقد سجل التاريخ لرفاعة رافع الطهطاوي سبقه و ريادته في محاولة تحليل أسباب التقدم ،بينما لم يذكر التاريخ شيئا لزملائه الكثيرين الذين وقف اهتمامهم عند حد البحث عن المعلومة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق