قبل أيام كتب الصديق الشيخ الدكتور محمد العوضي مقالاً في جريدة الرأي الكويتية في عموده "خواطر قلم " رافضاً فيه لغة الاصطفافات المذهبية التي تطفوا إحياناً على السطح خاصة في هذا الطور الحرج الذي تمر به أقطار أمتنا ، و المقال انطلق من جهده النبيل و الدؤوب لتبديد المذهبية المنغلقة التي يدفع بها البعض ، و إعلاء قيمة التعايش و التعاون ، و تقديم عمان كنموذج لهذا التعايش و الانسجام الذي نسعى جميعاً لترسيخه و نقل تجربته إلى سائر أقطار أمتنا ، و هو يعرج على منطق الرفض لثقافة التعايش و الإنسجام الذي يطلب منك إحد خيارات ثلاثة : نافق ، أو وافق ، و إلا ففارق ، و الذي نراه ينتقل اليوم للأسف إلى مجالات خلاف أخرى تتعلق بالرؤى السياسية و الاجتماعية أيضاً.
إليكم المقال :
إليكم المقال :
قبل أربعين يوما تقريبا اتصل بي من العاصمة العمانية مسقط الشيخ محمد الحجري وهو موظف في ديوان البلاط السلطاني، يعتب على القنوات الدينية التي أخذت خط مناقشة المذاهب الاخرى وقال لي هناك برنامج لأحد الدعاة خص فيه المذهب الاباضي بسلسلة حلقات، قال الحجري ومثل هذه الدروس في الاعلام تحدث بلبلة وتزيد نزعات التعصب، ونحن لا نمانع من الحوار ولكن المكان والجمهور والظروف والاسلوب كلها اعتبارات يجب ان تكون في الحسبان عندما نتناول قضايا تمس عقائد الناس ومذاهبهم... ولقد تفهمت اتصال صديقي محمد الحجري والذي كان الوسيط في استضافتي بمسقط لالقاء سلسلة من الدروس واللقاءات التلفزيونية، ويجب ان أُوضح ان المذهب الرسمي في دولة عمان هو المذهب الاباضي، وفي عمان ترى السنة يصلون في مسجد الاباضية والعكس صحيح.. ولا توجد مشاحنات وتوترات كما نراه في البيئات التي يكون الشيعة والسنة أو المسيحيون والمسلمون هم المكون الاجتماعي الأغلب... وبعد انتهاء المكالمة تواصلت واتصلت وبحثت عن صاحب العلاقة المباشرة لقناة (...) التي بدأت بسلسلة حلقات نقد المذهب (الاباضي) وأصلت نصيحتي ومنهجي حول هذا الطرح لبعض الوسطاء كي يقوموا بنقل قناعتنا وطلبنا، وقبل اسبوع أو أكثر تناولت الغداء في الكويت بحضور عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الدكتور الشيخ عبدالله المطلق وعرفت ان أحد أقطاب القناة (...) المعنية موجود فذكرته بتلك الحلقات فقال لقد أوقفناها، والفكرة التي أريد ايصالها هي ان الحوار والنصح هو الوسيلة المثلى لتغيير المفاهيم والتأثير الايجابي في الآخرين، ولكن وألف (لكن) أين ومتى وكيف ومن وبأي طريقة واسلوب مع مراعاة الشريحة المستهدفة والهدف الكلي والاولويات وعشرات وعشرات المتطلبات والعناصر التي تحقق الموضوعية النسبية وترجح المصلحة على المفسدة؟. اننا نعيش لحظة تاريخية سياسية صراعية حرجة معقدة استطاعت اتجاهات وقوى خارجية وداخلية ان تربك المجتمعات وتمزقها وتؤصل الفرقة والاستقطاب الطائفي والمذهبي بشكل غير مسبوق... وإذا خرج من يتكلم بالحكمة والمنطق فإنه سرعان ما يستبعد أو يصد عنه الناس لأنه يكون مخذلاً أو متساهلًا! وسألني أحدهم أين النخبة أين المفكرون؟ قلت: المفكرون في كثير من الظروف التي يغلب فيها الخطاب العاطفي الجماهيري يتحولون الى عوام!! لأنه كي تجد جمهورا يستمع إليك يجب ان تستسلم لشعار (نافق أو وافق وإلا ففارق)، فماذا تختار وهل من بديل عن هذه الثلاث المهلكات؟.